ماذا تعرف عن أستاذ التربية أبي حامد الغزالي "رحمه الله".
من رواد العرب الأفذاذ في ميدان التربية أبو حامد الغزالي ولد سنة 450 من الهجرة ، ونشأ بها ، وجَدّ في تحصيل العلم متنقلا في طلبه ، حتى نبغ فيه نبوغا عظيما ، واتسع أفقه ونشاطه ، فكان مدرسا مؤلفا محاضرا ، وترك مؤلفات كثيرة ، تضمنت آراءه في الفلسفة والتربية والعلوم الدينية.
ومن أشهر مؤلفاته التي بسط فيها آراءه في التربية كتابه " إحياء علوم الدين" وقد التقى في الكثير من الآراء مع مبادئ التربية الحديثة ، فإن كان المربون المحدثون ينادون بضرورة رعاية الطفل منذ طفولته الباكرة ، فإن الغزالي من قبل قد أوصى بذلك ، فأوجب أن يعنى بالطفل ، وتختار له الحاضنة الصالحة ، والمرضع المتدينة ، وإن كان يوصون في تربيته بالمزاوجة بين التعلم واللعب ، فقد أوصى الغزالي بذلك منذ نحو تسعة قرون ، وفي ذلك يقول:
" ينبغي أن يؤذن للمتعلم بعد الانصراف من المكتب أن يلعب لعبا جميلا يستريح إليه من تعب التعلم، فإن منع الصبي وإرهاقه بالتعلم دائما يميت قلبه ، ويبطل ذكاءه ، وينغص عليه العيش ، حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه" .
وإذا كانوا يعتدون بمراعاة الفروق الفردية بين الأطفال فإن الغزالي يولي هذه الناحية عنايته،فيقول:
"فكما أن الطبيب لو عالج جميع المرضى بعلاج واحد لقتل أكثرهم ، كذلك المربي لو أخذ المتأدبين بنمط واحد من التأديب لأهلكهم ، وأمات قلوبهم".
وإنما ينبغي أن ينظر في حال المتعلم ، وسنه ، ومزاجه ، وما تحتمله نفسه من أنواع العلاج ، ويبني على ذلك تربيته له .