برلمان مصر 2009 .. بدأ بمشادة لُوّح خلالها بـ الحذاء" وانتهى بـ "سب الدين"

القاهرة/ شهدت بداية عام 2009 المنصرم، ونهايته، مشادات بين نواب عن كتلة الإخوان المسلمين وكتلة الحزب الوطني الحاكم، على خلفية حصار غزة وعرقلة السلطات المصرية دخول قوافل طبية وإغاثية بعد العدوان الاسرائيلي على القطاع، حيث اشتدت المشاحنات بداية السنة بتلويح نائب بحذائه لنائب من الحزب الآخر، في حين انتهت بقيام نائب بسب الدين.
فقد تسبب حذاء لوح به نائب الإخوان أشرف بدر ضد نائب الحزب الوطني نشأت القصاص، بسبب اتهام الأخير للإخوان المسلمين بالعمل لغير صالح مصر، بداية (2009) في تحويل النائب للجنة القيم بالبرلمان، إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذه الحادثة، بل إنه تم اختتام العام بقيام نائب من الحزب الوطني الحاكم بسب الدين، لدى مهاجمتهم نواب كتلة الاخوان، واتهمهم بالعمالة للخارج لرفضهم بناء الجدار الفولاذي، وذلك يوم الأربعاء (30/12).
وسبق هذه الواقعة بيومين واقعة أخرى، قال نواب وصحفيون أن بطلها هو وزير المالية المصري بطرس غالي، الذي سب الدين بدوره، عندما كان يخاطب ملاك عقارات سكنية مخالفة في منطقة عشوائية بالقاهرة هي منطقة (الهجانة) شرق القاهرة، لأنهم بنوا مساكن مخالفة قررت الحكومة إزالتها، حيث قال في رده علي المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة عن كيفية تطبيق قانون الضريبة العقارية فى هذه المنطقة: "نعوض الذين اشتروا فى هذه العمارات المخالفة بعد أن نزيلها، ثم نلاحق الملاك ونجرى ورا إللى خالف (القانون) وأطلع دين إللى خلفوه"!، بحسب ما نُقل عنه في وسائل الإعلام المصرية.
وتأتي هذه المشاحنات الغاضبة، التي وصلت لحد سب الدين، في وقت تستعد فيه مصر لإجراء انتخابات جديدة للبرلمان قبل نهاية العام الجديد 2010 ويسبقها انتخابات أخرى لمجلس الشوري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الأمر الذي يثير مخاوف من تحول هذه الانتخابات إلى مجال آخر للمشاحنات.
ويؤكد النائب عن كتلة "الإخوان" حازم فاروق لـ "قدس برس" أن نائب الحزب الوطني "سب الدين بالفعل، وأن جلسة البرلمان تحولت إلى ما يشبه خناقات الشوارع بسبب تعدي نواب من الحزب على نواب الاخوان والمستقلين بالتهكم والسخرية أولاً، ثم تناولهم بالالفاظ الجارحة والتهديد بضربهم بالجزمة وتبعه قول النائب بدر القاضي: (هنبني الجدار ونكهربه واللي مش عاجبه هنطلع .. أمه"، ما دفع نواب الإخوان والمعارضة للانسحاب من الاجتماع المغلق للجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب، والذى ترأسه الدكتور فتحى سرور رئيس المجلس وحضره أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى، وكان مخصصا لمناقشة 18 طلب إحاطة وبيانا عاجلا مقدمة من نواب الإخوان والمستقلين والمعارضة عن الجدار الفولاذى العازل الذى تبنيه الحكومة المصرية على الحدود مع قطاع غزة".
وأضاف فاروق : "إن نائبي الحزب الوطنى بدر القاضى ونشأت القصاص وجها شتائم قاسية لنواب المعارضة، وأن ما حدث داخل البرلمان كان أشبه بخناقة في شارع لا مجلس نواب، وأنه لم يكن هناك مجال لحوار، فقد وصل الأمر للتهكم علي كلام الشيخ سيد عسكر من علماء الأزهر الشريف، وهو يعرض أحاديث نبوية"، كما قال.
وأكد النواب أكرم الشاعر وحمدى حسن وحازم فاروق وسيد عسكر، من كتلة الإخوان، ومحمد العمدة من الحزب الدستورى، أن نائب الوطنى بدر القاضى قال فى كلمته "نحن نحترم الشعب الفلسطينى ولكن أولاد .. دول ملناش دعوة بيهم"، قاصداً حركة حماس، وأنه عندما اعترض نواب الاخوان علي طريقة حديث نائب الوطني التي تهكم فيها عليهم وعلى الفلسطينيين، وجه حديثه إليهم قائلا: "يا أولاد دين . هنطلع دين .. يا إخوان يا كفرة، إحنا هنبنى الجدار واللى هيتكلم هنطلع .. أمه، وهنعمل الجدار وهنكهربه"، وفق ما نُقل عنه.
وانسحب نواب الاخوان والمستقلين، وعقدوا مؤتمراً صحفياً على باب البرلمان، عقب هذه المشادات، كما عقد النواب اجتماعا غاضباً بغرفة المستقلين بالمجلس، وحاول نائب الوطنى سعد الجمال رئيس لجنة الشؤون العربية تهدئتهم إلا أنهم التفوا حوله وقالوا بنفس واحد "يرضيك يا سعد بيه اللى حصل، إنت لو قاعد على قهوة بلدى وسمعت حد بيسب الدين هتضربه أو تسيب القهوة وتمشى"، وسأل نائب الإخوان أكرم الشاعر العضو سعد الجمال: "لماذا لا تطبق عقوبات لجنة القيم إلا على نواب المعارضة".
من جانبه؛ نفى نائب الحزب الوطني نشأت القصاص أن يكون قد اتهم نواب المعارضة أو الإخوان بالخيانة، قائلا: "أقصد الذين يهربون عبر الأنفاق، ووصفتهم بأنهم "أولاد .." وخونة"، وأضاف: "أنا سمعت نائباً إخوانيا يتحدث عن نتنياهو، وحسبته يقصد أننا نحن إسرائيليين، فقلت له أنتم الخونة".
وحاول نواب من الحزب الحاكم إرضاء نواب الإخوان والتهوين من شأن السباب لهم، بالقول: إن نواب الوطني انفعلوا لأنهم تصوروا الاخوان يصفونهم بأنهم إسرائيليين وهو ما رفضه نواب الاخوان، ورفضوا العودة للجلسة التي صدر عنها بيانان متناقضان أحدهما من لجنة الأمن القومي يشيد بما تفعله الحكومة من بناء للجدار، وآخر من المعارضة ينتقد بناء الجدار ويعتبره إبادة جماعية للفلسطينيين، واتفق علي عقد جلسة أخرى يوم الأحد المقبل قال الدكتور فتحي سرور "إنها سوف تقتصر علي بيان من الدكتور مفيد شهاب حول الجدار، وسيتم التصويت عليه دون مناقشة، حتى لا تحدث المسرحية التى حدثت"، على حد تعبيره.
يذكر بهذا الصدد أن البرلمان المصري منذ نشأته شهد العديد من وقائع المصادمات والسباب والضرب أحيانا بين النواب وبينهم وبين الوزراء، وقد تم إسقاط عضوية نواب مشهورين بسبب مشادات وسباب مع وزراء مثل النائب (طلعت رسلان) الذي أُسقطت عضويته في أواخر الثمانينيات بسبب صفعه وزير الداخلية المصري الأسبق زكي بدر على وجهه وهو يدلي ببيان اعتبره النائب المعارض من حزب الوفد الليبرالي "أكاذيب"، وتعتبر هذه الواقعة من المرات القلائل التي يحدث فيها اعتداء بدني على وزير مصري، وقد تم إسقاط عضوية هذا النائب في البرلمان