الاختراع الجديد اسمه...... الضريبة العقارية

أيام الرئيس « جمال عبد الناصر» كانت الإذاعة تقدم لنا الحكم التركي في مصر بصورة كريهة مضحكة... حتي يكره الشعب الحكام الأتراك وينظر إليهم علي أنهم من المحتلين لمصر... وكانت الصورة الكريهة هي تصوير الحاكم التركي أو « الأغا» علي أنه يقوم بجباية الضرائب من المصري ثم يضربه بالكرباج وهو يردد « خرسيس أدب سيس.... خنزؤور.... ادفعي ضرائب يا كلبة» وكانت من المقررات علينا في الإذاعة تمثيلية « أدهم الشرقاوي» وبالرغم من أن « أدهم الشرقاوي» كان بلطجياً ومن قطاع الطرق فإن الإذاعة المصرية رأت أن تجعل منه بطلاً... يهجم علي الأغوات الأتراك ويسرق أموالهم التي جمعوها من الضرائب لكي يعطيها للفقراء المطحونين... بما يعني أن لو جارنا الحاج « أدهم البحيري» هجم علي وزارة المالية وسرق فلوسها وأعطاها للغلابة الذين يدفعون الضرائب فإنه سوف يصبح بطلاً بمفهوم الإذاعة المصرية وتقوم الإذاعة بتقديم مسلسل تحت عنوان « أدهم البحيري» بدلاً من « أدهم الشرقاوي»..

وهكذا... أصبح الذي يستطيع أن يسترد الضرائب من الأغوات في نظر الشعب بطلاً... إلا أن الأيام تمر علي مصر... وتنتبه الحكومات إلي هذه المشكلة فلا تسمح للناس بالتهرب من الضريبة حتي لا يصبح المتهرب بطلاً وحتي لا يظهر « أدهم الشرقاوي» الجديد، فمن يتهرب من الضريبة الآن تتم محاكمته أمام محكمة الجنايات بجريمة التهرب من الضرائب ويأخذ علي دماغه، أما من أراد أن يسدد الضرائب لأنه مواطن ملطشة فعليه أن يلتزم كما يلتزم العبيد بأن يسدد ضريبة عن مهنته حتي إذا كان حلاقاً أو بقالا أو حداداً... وهي تسمي ضريبة « المهن الحرة» يدفعها المحامي والطبيب كما يدفعها الميكانيكي وتاجر الخردة... ثم عليك أن تدفع ضريبة دخل عام... بما يعني أن ضريبة المهنة حاجة وضريبة الدخل حاجة تانية خالص، مع أن الدخل يأتي من المهنة ومادمت دفعت ضريبة عن المهنة فهذا يكفي عند العقلاء، لكن معلهش وآهي ضريبة تفوت ولا حد يموت، ثم عليك أيها المواطن... لا سيما إذا كنت مواطناً بدرجة ملطشة أن تدفع ضريبة مبيعات.... علي أي سلعة تشتريها ولو كانت السلعة عبارة عن مترين من قماش «الدمور» أو حتي كيس دقيق أو كيلو سكر... وإذا أكلت في المطعم فإن المطعم يضيف علي الفاتورة 12% ضريبة مبيعات... وإذا أصابتك كتمة نفس أو جلطة في القلب نتيجة غلاء الأسعار فإن جميع الأدوية تأتي إليك محملة بضريبة المبيعات، أما جهاز الأوكسجين الذي يساعد علي الاستمرار في الحياة فقد فرضت الدولة عليه ضريبة مبيعات علي الجهاز وضريبة مبيعات أخري علي الأسطوانة... فإذا لا قدر الله دخلت المستشفي وذلك استعداداً للرحيل إلي الدار الآخرة فأنت تدفع علي فاتورة المستشفي ضريبة مبيعات ثم تفرض عليك الدولة ضريبة أرباح تجارية علي كل الأنشطة، أما الموظف فيأتي خصم الضرائب من راتبه مباشرة حتي تصل نسبة الخصم أحياناً إلي أكثر من عشرين في المائة... وتعتبر مصر هي الأولي علي مستوي العالم في عدد وأنواع الضرائب... ولكي تحصل مصر علي التفوق الحقيقي تم فرض ضريبة أطلقوا عليها اسم الضريبة العقارية... مع أن العقار الذي يملكه المواطن المصري يكون قد بناه من أمواله التي دفع عنها ضريبة الدخل العام وضريبة الأرباح التجارية ويكون قد بناه بمواد وأسمنت وحديد تم سداد ضريبة المبيعات الخاصة بها، ثم إذا انتهي من بناء الشقة فهو يسدد الضرائب المحلية والتي يطلق عليها «العوايد» وكذا يسدد معها الربط الضريبي السنوي... إلا أن هذا كله لا يشفع له ما دام هذا المواطن قد نفد من الموت بأعجوبة ووصل إلي درجة أن يكون مواطناً صاحب شقة.. فلابد من القضاء عليه.. وهكذا تعمل الحكومة المصرية من أجل المواطن محدود الدخل حتي أصبحنا نغرق في بحر من الضرائب... والأغوات الجدد في مصر لا يعرفون الرحمة... أما الشعب الغلبان فهو يعيش بنظرية ادفع واشكر... وبهذه المناسبة يروي أنه قد أتي رجل الضرائب إلي أحد المواطنين ليطالبه بعشرة آلاف جنيه... فدخل الرجل إلي الحجرة وخرج بالعشرة آلاف وأعطاها لرجل الضرائب... ونظراً لتعجب موظف الضرائب من طاعة المواطن الملطشة فقد أعاد الحسابات وطلب منه خمسين ألف جنيه إضافية... فدخل المواطن إلي الحجرة وخرج منها بالخمسين ألفاً... فلما تكرر من موظف الضرائب إضافة المبالغ... قال له المواطن بعد أن نفد صبره....

« خد المفتاح ده وادخل الحجرة ستجد ماكينة طباعة اطبع عليها اللي إنت عاوزه»

وعجبي