أشعل قانون الضريبة العقارية الجديد، الذى بدأت وزارة المالية تطبيقه، خلافا فقهيا جديدا بين علماء الأزهر الشريف حول مدى مشروعية جمع هذه الضريبة والتى وصفتها جبهة علماء الأزهر بأنها "من شر أنواع أكل أموال الناس بالباطل، لأنه من باب الجزية التى تهدر قداسة المال وكرامة المسلمين وإخوانهم من أهل الذمة والمواطنين"، مشيرة إلى أن تطبيق الضريبة العقارية يهدف لجمع مال حرام من المصريين يغرض إذلالهم.
وأضافت الجبهة فى بيان لها أمس، أن الضريبة العقارية تعد "تخوُّضا فى مال الله بغير حق موجب لعذاب الله كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخارى فى صحيحة عن خولة الأنصارية رضى الله عنها قالت: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول "إنَّ رجالا يَتخوَّضون فى مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة"، ومعنى يتخوَّضون أى يتصرفون فى مال الأمة بالباطل. ولمسلمٍ وغيره عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعِرضه".
وبررت الجبهة توصيفها هذا بأن العلماء قد أجمعوا على أن أرض العرب كلها عشرية، لا يؤخذ منها خراج، لأنها بمنزلة الفىء، فلا يثبت فى أرضهم خراج، كما لا تثبت الجزية فى رقابهم، ومعنى العشرية أنها لا يؤخذ منها غير الزكاة المرتبطة بالأعشار، وأضاف البيان أن تلك الضرائب جائرة لأنها تسمى فى شرع الله بالمكس أو المكوس، وهى التى تعنى المال المأخوذ من صاحبه ظلما، وهو الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود وأحمد والحاكم عن عقبة بن عامر "لا يدخل الجنة صاحب مكس" قال الحافظ المنذرى إن هذا المكس هو الذى يأخذه الأمراء حراما وسحتا، ويأكلونه فى بطونهم نارا، حجتهم فيه داحضة عند ربهم، وعليهم غضب ولهم عذاب أليم، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل جريمة المكاسين- فارضى الضرائب ظلما وعدوانا- أحط منزلة وأقبح قدرا عند الله من الزناة المستحلين الفروج الحرام، والأعراض الحرام.
واتفق مع البيان الشيخ فرحات المنجى مستشار شيخ الأزهر قائلا: "إن ما حدث من فرض للضرائب العقارية أمر لم يحدث فى تاريخ الأمم جميعا ولا فى تاريخ الإسلام، ولا أدرى من أين أتوا بهذه القوانين المجحفة التى تمس صميم الأسرة، مؤكداً أنه اقتراح باطل ولا يوجد عليه أى سند شرعى أو دستورى، متسائلا أيضا هل سكن الإنسان يدر عليه دخلا فإذا كان كذلك فلا بأس، مشيراً كيف تفرض ضرائب على سكن خاص أُعد لتكوين أُسرة أو أُعد ليأوى الرجل أهله فهذا أمر لا يعقله أحد، مضيفاً أن الزكاة وحدها هى التى يخرج المسلم من أجلها المال لأنها حق معلوم للسائل والمحروم، وهذا ما يجب فى مال الإنسان فسكن الإنسان ليس داخلا فى هذا الأمر، كما أشار الشيخ إلى أنه قد تبقى أن يفرضوا ضرائب على المأكل والملبس بل وعلى الاستعمالات الشخصية، وأضاف فى نهاية حديثه "كفاكم ما أخذتموه وكفاكم تهليبا وترهيبا على عباد الله".
بينما وصف الدكتور عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية أن إطلاق جبهة علماء الأزهر فتوى بتحريم الضرائب العقارية يعد "تهريجا"، مؤكداً أن الحديث الشريف ((إن رجالا يتخوضون فى مال الله بغير الحق فلهم النار يوم القيامة)) الذى استخدموه للدلالة على الحرمانية ليس فى موضعه وإنما المقصود بالمال هنا هو المال العام وليس المال الخاص، موضحاً أنه مشروع للحكومة أخذ الضرائب ولكن المهم هو كيف يتم تطبيقها، مشيراً إلى أن فرض هذه الضريبة بهذا الشكل الأعمى أمر خاطئ، مضيفاً أن الضريبة العقارية يجب أن تفرض على مالكى القصور والشاليهات لا على من يملك شقة واحدة للسكن فهذا يعد إرهاقاً للأسرة، مضيفا أنه ليس هناك ما يجب إخراجه من مال المسلم سوى الزكاة.